طقطقات جبريه مع الذكريات الفكريه

ابْتليت اليمن ببلوى “العين” ولا اعني بالعين الشيطانيه التي يؤمن بها كثير من المتخلفين وفقاً للروايات والاحاديث الدينيه ولكنني اعني “العين” كحرفُ يبتدئ به الاسم .  نعم ابتليت اليمن منذ الثوره والاستقلال  بكثير من الحكام التي يبدأ اسمهم بحرف “العين” .  على سبيل المثال في الجنوب ابتدينا ب عبدالفتاح اسماعيل ثم علي ناصر محمد ثم علي شائع ثم علي عنتر واخيرأ علي سالم البيض فكان ختامه “مسك” .  وفي الشمال عبدالله السلال ثم عبدالرحمن الارياني ثم علي عبدالله صالح .. وبعد الوحده بدأنا بالعليين “علي عبدالله وعلي سالم” ونتختتم اليوم عبدربه منصور .  فيالها من اسماء ونجوم لامعه في سماء الوطن الحبيب

وسميت اليمن “يمناً” تيمناً ببركاتها او ربما لانها على يمين الكعبه وفي كلا الحالتين كانت تسمية معكوسه فكما نسمي الاعمى بالبصير اطلق هذا الاسم على هذه القطعه المنحوسه القابعه في جنوب الجزيره العربيه .  فلا البركه موجوده وماهو موجود فقدناه ولم تعطنا الكعبه جزء من بركاتها .  فقد ابتلت اليمن الشماليه بإستعمار سئ بدءً بالاحباش بقيادة ابرهه الذي اراد ان يهدم الكعبه فنال غضب الله ثم استبدلهم البطل سيف بن ذي يزن باستعمار اسوأ هو الفارسي الذي جلب الينا مجرمي فارس وبغباء كاتب التاريخ جعلنا من سيف اسطوره كاذبه وتبعه الاستعمار التركي الذي نعاني من تبعاته الى اليوم  .  وفي الجنوب اراد الله ان يمن علينا باستعمار حضاري بعد المعاناة ولكننا وكالعاده وبغباء قمنا بثوره لنستبدل الاستعمار البريطاني الحضاري باستعمار سوفيتي ثم اختتمنا واقعنا بوحدة فاشله وكما قال المثل وحدة “بردان فوق متدفي” او كما قال – صاح من ابوه حمله جدُه هو عياله

واتذكر في السبعينات في قمة مجد الحزب الاشتراكي في الجنوب , اقيم في عدن معرض اسموه “معرض المعارض” لانه المفروض ان يحوي كل مايذهل من اختراعات جديده وحضر الافتتاح كل القيادات السياسيه وتصدعت عقولنا وعيوننا من الضخ الاعلامي لذلك المعرض الذي كان “مهزلة المهازل” كما اسميناه في السر خوفاً من القمع

وكلمة “معرض المعارض” هو قول للتعبير عن تضخيم الشئ ومن باب النكته فالحضارم عندما يريدوا ان يصفوا احد ابنائهم بالشيطنة الكبيره او الخطأ الكبير فانه يقول له ” ياحمار الحمير” ولازال هذا الوصف متداول الى اليوم 

واتذكر احد اصدقائي صاحب المغامرات الغراميه مع بنات الهوى قرر يوماً ما ان يتزوج احداهن وعندما علمنا نحن المقربون اليه بالخبر الذي نزل علينا كالصاعقه ان نوفد مندوباً لمراجعته ومحاولة اقناعه بالعدول عن هذا القرار المخزي .  ولكننا فشلنا في مهمتنا حيث برر قراره باننا قوم لانعرف شيئاً عن “الشرف” ووصف زوجة المستقبل “أشرف شرموطه” ورحم الله كلاً بعقله

والزعيم جمال عبدالناصر أسمى الهزيمة المذله في 67 “بالنكسه” وكأنه يريد ان يغير الواقع في ذلك الواقع الذي لازال حاضرنا امتداد له

واتذكر في حرب الخليج الثانيه اسمى صدام حسين معركة دخول بغداد “أم المعارك” لانها ستكون المعركه الفاصله والهزيمه القاسيه للامريكان و…… كلنا نعرف ماذا حصل في “ام المعارك” وكيف سقطت بغداد وهذا ذكرني بمعركة دخول الانكليز لمدينة كريتر بعد اغلاقها من قبل الثوار في 67 حيث توّعد  الثوار ان تكون كريتر مقبره للجيش البريطاني فدخل الانكليز على انغام موسيقى القِرَبْ الشهيره وبدون طلقة رصاص واحده

واتذكر احد اصدقاء والدي رحمهم الله جميعاً كان لديه هوس ادخال غير المسلمين الى الدين الاسلامي وكان يعيش في احد دول شرق افريقيا .  وبعد جهد جبار نجح في اقناع جاره الهندوسي في الدخول الى الاسلام واقام حفله كبيره لهذا النجاح .  وكرر محاولته مع جاره الآخر اليهودي الديانه وبعد محاولات متكرره وعديده واجتماعات روحيه فوجئ اصدقائه بسفره المباغت وعدم العوده الى تلك المدينه وبعد فترة التقوا به وسألوه سبب سفره السريع فقال لهم ان السبب هو اليهودي … “فقد حاولت ان ادخله الاسلام ووصلت الى مرحلة إنني خِفْت ان اتحول الى اليهوديه” هذا لان اليهودي بطبعه مجادل لايقتنع بسهوله كما ان ايمانه بعقيدته صلبه

وعلى ذكريات حرب تحرير الكويت استدعى صدام حسين مجموعه من علماء الاسلام الى بغداد حيث افتوا ان صدام هو امير المؤمنين وان اعدائه هم المارقون الكفره .  ولم يقف الملك فهد السعودي ساكتاً بل إستدعى مجموعه من علماء الاسلام وفي معقل الاسلام بمكة المكرمه وأفتوا ان صدام هو كافر زنديق منافق واحّلوا دمه واعلنوا ان فهد هو حامي الحرمين والاسلام وليس خادمه فقط

وخلال تفاعلات الخلاف بين علي عبدالله صالح وعلي سالم البيض تكررت نفس القصه وكلنا نتذكر بيانات علماء المسلمين اليمنيين الصادر من الجند وماتبعه بيان آخر من علماء المسلمين من معاشيق

واتذكر في احدى جلساتي مع فقيد الفن العدني محمد مرشد ناجي الذي كان مشهوراً بالاغاني الثوريه والحماسيه ان قلت له ان يقيّمْ نتائج اغانيه الثوريه فقال لي بلكنته المميزه وهو يضحك “يامحمد …  لقد كنّا ثيراناً ولم نكن ثواراً” رحمك الله يا ابا علي 

وهناك حكايات كثيره في مسيرة الحياة الزاخره بالذكريات وبالمتناقضات فياليت نتعض من ماضينا حتى لانكرر نفس الاخطاء مستقبلاً والسلام عليكم

ImageImage

محمد جبر

وندسور 30 ابريل 2014